طرح برنامج ما يطلبه القارئون
الذي يقدمه الأخ الحبيب هوزة العسل
في قناة الإنتهازية السابعة
ثلاث عناوين لثلاث نوتات
ليختار المارون على جداريتنا موضوع البرية القادم
وبعد عملية تصويت نزيهة إستمرت ثلاثة أيام وبرعاية دولية ومراقبة إقليمية
أعلن الأخ موسى عثمان موسى رئيس مفوضية التصويت
أن نوت سبحان الله حازت على أعلى الأصوات
تليها نوت معزوفة لدرويش متجول خارج دوامة الحاضر
وفي المركز الأخير جاءت رسالة هل تعلم
لذا سنكتب بالتتابع عنها
هذه النوووت عبارة عن الجزء الأول من شريط ذكريات تسجيلي
لمواقف صادفتنا في عملنا الذي نقوم به من أجل
محاولة إثبات أن الدنيا ما زالت بخير
صادفنا فيها التوفيق الرباني من رب كريم
كنا لا نملك شيئاً نقوله عند حدوث أي منها إلا
سبحان الله
لن تكون المواقف مرتبة
فهي تأتي إسترجاعاً من الذاكرة الخربة فاعذروني
أكثر هذه المواقف العالقة بالخاطر
أننا كنا يوماً في زيارة إلى قسم الأطفال بمستشفى الذرة أواخير شتاء 2008
وقابلنا حينها د. الحارث أحد أطباء وحدة د. الخطيب الأخصائي الوحيد لأمراض الدم والأورام (السرطان) للأطفال بالسودان
وكان وقتها طبيباً عمومياً وهو الآن نائب أخصائي والحمد لله
بس للأسف في الكبار وليس للأطفال
وما في زوول جاب سيرة الإضراب هنا ما تنططوا عيونكم ساي
المهم تلقانا بوجه مهموم وبادرنا قائلاً بأن لديهم حوجة ماسة للدم 6 أطفال بحاجة لنقل دم بصورة مستعجلة
خمسة منهم من فصيلة أو بوزيتيف
والسادس أو نيقيتيف
وليس لديهم أي متبرعين
فسألناه عن الأولوية في حالة عدم تمكننا من التحصل على هذه الكمية (المستحيلة في ذلك الوقت) لأننا كنا في بدايات عملنا ولم نكن قد وثقنا علاقتنا كما هي الآن ببنوك الدم المنتشرة في خرطومنا الحبيبة
تبسم د. حارث في حسرة وقال: ماذا عساي أن أقول لكم.. كلهم في حوجة ماسة ولكن شوفوا البتقدروا عليهو
ذهبنا من فورنا إلى بنك الدم المركزي- وهناك وجدنا تقني المعمل وكبيرة مشرفي معمل السيرولوجي بالبنك
منى تلكم المحسية الأصيلة التي لم تتأخر يوماً عن مساعدة كل ملهوف وصاحب حاجة
المتعاطفة دوماً
ونقلنا لها حوجة الأطفال
كانت الإجابة جلية في وجهها
لا نملك هذه الكمية فما لدينا زجاجة واحدة أو بوزيتيف وزجاجة أو نوقيتيف
والنيقيتيف أو السالب هي من أندر الفصائل
وهي لكم من غير تردد
فقلنا لها الحمد لله إنو النيقيتيف في
ناخد القزازتين ونجيب متبرعين في باقي اليوم دا ولغاية بكرة ما تطلع النتيجة وتكون نتيجة الفحص سليمة ربنا بحلها
والله يغطي على الأطفال ديلا
وفي نفس الوكت نمشي على بنوك الدم في المستشفيات نفتش وإنشاء الله نلقى حاجة
وقبل ما نتم كلامنا
وردنا إتصال على الجوال وكانت النمرة غير معرفة لدينا
وكنا في ذلك الوقت لا ندعي الأهمية ونرد على أي مكالمة طاشة وحتى ولو كانت ميس كوول زي أبو الشهيق
كان المتحدث طبيب من م. الخرطوم التعليمي
ولم يبدأ حديثه بالمقدمة التقليدية أنه حصل على رقمنا من فلان
وإنما خش تووش شمال
أخي الكريم محتاجين زجاجة دم أو نيقيتيف عندنا مريض داخل عملية جراحية مستعجلة جداً وهو يعاني من سرطان
سألته على إستحياء أ طفل هو أم شخص كبير
فقال لي بل رجل في نهاية الأربعينات
تبادلنا النظرات الصامتة لأن كل من كان في المعمل فهم فحوى المحادثة
وبعد ثوان من الصمت رددنا عليه بأنه يمكنه الحضور إلى المعمل القومي إستاك لإستلام الزجاجة المطلوبة
أظن والله أعلم أن فرح هذا الطبيب بالرد قارب فرحته عندما قرأ إسمه في قائمة المتخرجين من كلية الطب
وعادة يرسل أطباء م. الخرطوم ممرضاً لأخذ الدم.. ولكن هذا الشفوق الخلوق قال سأحضر فوراً لإستلامها
بعد إنتهاء المحادثة .. طلبنا من منى إنجاز الأوراق اللازمة لنأخذ الزجاجة المتبقية الأو بوزيتيف.. على أن نواصل البحث كما أسلفت
وبدأنا في إجراء محادثات هاتفية مع عدد من أصدقائنا وأعضاء المجموعة ليتبرعوا
والحمدلله وافق معظمهم على الحضور فوراً والتبرع
ولكن للأسف لم يكن من بينهم أي أحد أو نيقيتيف
المهم شكرناهم جميعاً وعدنا أدراجنا إلى المعمل لأخذ الدم
وفي الباب إلتقينا بأحد الأشخاص يلبس اللبس المميز للمرضين ويحمل حقيبة خاصة لنقل الدم
لم نعره إهتماماً ظناً منا أنه جاء لأخذ دم لأحد المستشفيات أو المستوصفات الخاصة مثلنا
وحين دخلنا على المعمل وجدنا منى وعينيها مغروقتين بدموع
لم نستطع التمييز من أي نوع
كان وجهها عبارة عن لوحة من المشاعر الإنسانية لو أن الحبيب دافنشي رآها لقال للموناليزا تعالي لينا وكت تاني
المهم سألنها مالك يا منى
ردت بصوت ما عارف نوصفوا ليكم بشنو
في ممرض جا حسي من مستوصف الإنقاذ الطبي وشايل ليهو شنطة بتاعت دم
رددنا: آي لاقيناهو برة حسي
فقالت جا شايل قزايز دم وقال إنهم ما محتاجين ليها وجابا لينا
عارفنها شنو
أربعة قزايز أو بوزيتيف وواحدة أو نيقيتيف
طبعاً يا أخوانا ممكن تقولوا دا فيلم هندي
لكن والله دا الحصل
وبقت فينا النكتة
هي قالت للمرض أصلو ما معقول أصلو ما بصدق أصلو ما ممكن
ونحنا قلنا ليها أصلو ما معقول أصلو ما بنصدق أصلو ما ممكن
ود. الحارث لم نقلنا ليهو الخبر وقلنا ليهو لقينا الخمسة أو بوزيتيف والأو نيقيتيف كورك أصلو ما معقول أصلو ما بصدق أصلو ما ممكن
معليش يا أخوانا عارف إنو أنا قلت في بداية النوت إنها شريط تسجيلي لمواقف
لكن كل ما أتذكر الموقف دا بتجيني رعشة وقليبي برجف شديد
بقول لي أنا لس حي ما مت
فاصل مع جعيرة صغيرة
ولنا عودة
ولا نملك سوى أن نقول
سبحان الله
Leave a Reply